أراء حرة

داعش أضر بالإسلام وشوهه فلماذا خرج؟

بقلم / أ سامة داوود

ذكرتُ سابقًا أن ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” يستغل الجانب المادي والأموال الطائلة وفقر وحاجة بعض الشباب وتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد وصعوبة الحصول على عمل وتدني الأجور وارتفاع أسعار العملات الأجنبية في السوق السوداء ليرغبهم في الاندماج إلى التنظيم فصار المال هدفهم لا التنظيم ولا عقيدته تهمهم.

بالتأكيد هناك استثناءات حيث تجد من دخل هذا التنظيم لقناعته بإقامة دولته المزعومة والإسلام منها براء، ومنهم من هو في حالة مادية ميسورة، وفي المقابل نجد شبابًا مروا بنفس الظروف وربما أسوء إلا أنهم لم يفكروا حتى التفكير في الانخراط في هذا التنظيم الإرهابي الذي ما توقف منذ أن ظهر في الوجود على تشويه ديننا الإسلامي وإظهاره على أنه دين دموي، بل إن بعض هؤلاء الشباب يحاولون جهدهم وبكل ما يستطيعوا أن يُظهروا أن تنظيم “داعش” ليس هو الإسلام ولا يمثله.

لي صديق “خريج” يجيد استخدام الإنترنت والأجهزة الإلكترونية ويجيد الإنجليزية نطقا وكتابة يقول إن لديه صداقات مع أشخاص من أمريكا وأوروبا يتحدث أحيانا مع البعض منهم عن الإسلام يقول إن بعضهم يرى أن “داعش” هو الإسلام، بعنفه ودمويته وظلمه وجوره، وغيرهم ممن لا يعرف شيئًا عنه البتة في حين أن البعض يعرف القليل القليل جدا عن الدين الإسلامي، يؤكد أنه أصبح حريصًا على أن يوضح لهؤلاء الأصدقاء – وخصوصا بعد الأحداث التي تمر علينا من هجمات انتحارية ينفذها عناصر تنتمي لتنظيم “داعش” الإرهابي في عدد من الدول الأوروبية والأحداث تشهدها بلادنا وتغلغل هذا السرطان “داعش” والحرب التي يخوضها الجيش ضد هذه الجماعات الإرهابية – أن ما يفعله داعش ليس هو الإسلام بل إن الإسلام دين سلام وتسامح، دين الرحمة، إلا أنه بالتأكيد ليس الدين الذي يسمح بالانحلال وفعل المنكرات، ويقول إنه بالاستعانة بالإنترنت يجيب على الكثير من تساؤلاتهم حول الإسلام وحول النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤكد هذا الصديق أنه لقي استجابة لم ينتظرها ويتوقعها وتعاطف كبير كان يتوقع عكسه، ويؤكد أنه لو كان عالمًا أكثر بأمور الدين لربما دخل بعضهم الإسلام على يديه.

بالتأكيد لكل منا صديق ينتهج نفس النهج بعقولهم النيرة يحاولون إصلاح ما يفعله أصحاب العقول المريضة الحالمين بإقامة دولة بقطع رؤوس الأبرياء والتنكيل بهم والادعاء أنهم يريدون تأسيس دولة الإسلام، بمثل هؤلاء الشباب نستطيع أن نغير نظرة العالم للإسلام، فالإسلام دين معاملة، فمثلما تصرفات إرهابيي “داعش” البشعة تم نسبها زورًا وبهتانًا للإسلام، بالتأكيد تصرفاتنا الخيرة تنعكس إيجابًا على الإسلام.

شيخ وداعية ألماني “شاب” يدعى صلاح الدين بير فوجل دخل على يديه إلى الإسلام آلاف الأشخاص، دعاهم إليه بالكلمة الحسنة بالمناظرة بتعجيزهم بالحجج والبراهين بالمحاضرات، بالملتقيات يوضح لهم صورة الإسلام الصحيح وأخلاق الإسلام والمسلمين ومن يرفض دخول الإسلام يُلح عليه، ويرجوه ويطلب منه مرارًا الدخول فيه أو التفكير في الأمر.

الشيخ فوجل لم يهدد أحدا ولم يرفع بندقية أو سيفًا ولم يعاملهم بغلظة وسلاطة لسان كما يفعل تنظيم داعش الإرهابي وعناصره من جرائم، لم يهددهم بالويل والثبور لم يجلب جلادًا ويقطع الرؤوس، بل يصبر وينتظر ويعيد الأمر مرارًا وتكرارًا، لو اتفقنا جميعًا على معاملة غير المسلمين بهكذا أخلاق هل سنجد هذا الكره والبغض لديننا الإسلامي، هل سنجد نفورًا وجهلًا لدى غير المسلمين بهذا الدين الذي جاء للعالمين جميعا.

ودائما ما أسال نفسي مالذي جناه الإسلام من تنظيم “داعش” الإرهابي، ومالفائدة التي قدمها هذا التنظيم لهذا الدين العظيم وكيف نجح الفاتحون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد صحابته من بعده في نشر الإسلام ماجعل الناس على اختلاف أديانهم وبلدانهم يدخلون فيه أفواجا، كيف لم يستطيع هذا التنظيم وفي زماننا هذا زمان العولمة حيث التطور والتكنولوجيا وشبكات ومواقع التواصل الاجتماعي التي باستغلالها الاستغلال الأمثل تساهم وتؤهل في نشر مايكون في صالح الإسلام في الرفعة منه والإعلاء من مكانته أكثر، لا بنشر مقاطع التهديد والوعيد، وجرائم قطع الرؤوس والأيدي والرمي من المباني مع أنها حدود أقرها الإسلام فعلًا، لكن لماذا اختزل هذا التنظيم الإرهابي كل الإسلام بسماحته ورحمته في هذه الحدود التي يطبقها أشخاص هم أولى أن تُطبق عليهم، وفي غياب ولي الأمر، إلا ولي أمرهم المزعوم المدعو أبوبكر البغدادي زعيم دولتهم الباطلة، أليس من باب أولى لو استغل هذه التطور والتكنولوجيا في ترغيب الناس من كافة بقاع الأرض في الدخول إلى الإسلام، ألا يستطيع التنظيم بكاميراته المتطورة وطريقة تصويره الحرفية بث مقاطع للعفو عن الناس وقبول حججهم والتماس العذر لهم ودعوتهم باللين والصفح عما اقترفوا ومقابلة الإساءة بالإحسان، وأعيد وأقول أن هذا التنظيم أضر بالإسلام أكثر مما نفعه وساهم في بغض الناس له والابتعاد عنه.

المزيد من الأخبار

زر الذهاب إلى الأعلى