حول العالم

مانجروف: رحلة الأمل والحياة

المانجروف ذلك النبات العجيب الذي يحيا في بيئةٍ صعبة قاسية، ورغم ذلك فهو يحافظ على بقاء نوعه وتأقلم في بيئته الجديدة القاسية وتكوين بيئة ملائمة لكائنات حية أخرى، لنتعرف عليه معاً.

الموقع والتوزع الجغرافي

تمثل المانجروف نمطًا خاصًا من الأشجار دائمة الخضرة؛ حيث تنمو أشجار المانجروف في سواحل البحار والمحيطات ومصبات الأنهار عند الحد الفاصل بين البحر واليابسة بين منطقتي المد والجزر وحين تختلط المياه العذبة بالمياه المالحة.تنتشر في المنطقة الاستوائية والمدارية ما بين مداري السرطان والجدي حيث درجات الحرارة المرتفعة. وتعتبر الخلجان والشواطئ ودلتا الأنهار والجزر القريبة من السواحل هي بيئة نمو أشجار المانجروف .

وجد حوالي 100 نوعاً من هذه النباتات موزعة حول المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في العالم، يوجد العدد الأكبر منها (65 نوعاً) في منطقة جنوب شرق آسيا،بينما يوجد حوالي 11 نوعاً في العالم الجديد ومنطقة الكاريبي. أما في الوطن العربي فتوجد ثلاثة أنواع من نباتات.

التكيف مع البيئة القاسية

تكيفت هذه الأشجار للعيش في ظروف بيئية قاسية جدًا حيث تكون التربة رديئة التهوية و مشبعة بالماء المالح وغنية بغاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن تحلل بقايا المواد العضوية؛ لكن السؤال كيف تأقلمت هذه الأشجار في هذه الظروف القاسية ؟!

تأقلمت هذه الأشجار في بيئتها من خلال أنظمة جذرية مختلفة تسمح بتنفس النبات وتثبيتها في التربة الرخوة .

إن جذور هذه الأشجار هي جذور عرضية تنفسية حيث تتجه إلى الأعلى عكس الجاذبية الأرضية بدلًا من توجهها للأسفل وتظهر فوق سطح الأرض كسيقان نامية حيث يبلغ طولها بضعة سنتيمترات حتى نصف متر، وتحتوي أنسجتها على فراغات واسعة وينتشر على سطحها فتحات تنفسية واسعة تعمل على تبادل الغازات وتوصل الهواء الجوي إلى أنسجة الجذر الداخلية فعندما يحدث الجزر تتعرض الجذور للهواء .

58

 

و ثمة جذور هوائية تنمو فوق الأرض،‏ مما يمكّنها من امتصاص الهواء مباشرة من الجو.‏ ولهذه الجذور أشكال متعددة.‏ فبعضها شبيه بالركبة،‏ إذ يخرج من التربة ويعود إليها مشكّلا عُقَدا ناتئة تشبه إلى حد ما الركب المنحنية.‏

وفي بعض أنواع المانجروف توجد مراشح تحول دون مرور الملح عبر سطح الجذر وهذه المراشح فعّالة جداً بحيث إذا شققنا جذور المانجروف وجدنا مياها عذبة، وهناك أنواع أخرى يسمح بدخول الملح إليها وتكدسه وترسبه في الأوراق المائلة للصفرة لتنفصل عن الشجرة بعد فترة.

وأنواع أخرى تفرز الملح فور امتصاصه باستخدام غدد ملحية خاصة موجودة في الأوراق فإذا تذوقنا إحدى هذه الأوراق بطرف لساننا سنجدها شديدة الملوحة.

86

 

رحلة بذور المانجروف

إن بذرة المانجروف متميزة عن غيرها من بذور الثمار. يتكاثر المانجروف طبيعيا وبظاهرة تشبه التوالد وحيث إن البذور تنبت وهي محمولة على النبات الأم وتسقط في الماء لتطفو على سطحه بشكل أفقي حتى تصل إلى المنطقة التي يختلط فيها الماء الملح بالماء العذب ضمن الظروف المواتية من بيئة رملية أو طينية عديمة التهوية وفي منطقة المد والجزر والتي لا تتعرض للأمواج فتتخذ شكلا عموديا لتنغرز في الوحل لتبدأ دورة حياتها.

تختلف أنواع المانجروف في طريقة حمل الثمرة للبذور؛ حيث بعض أنواعها تحمل ثمرة كبيرة مليئة بالبذور مستديرة الشكل، حين تنضج الثمرة تنفجر بقوة ناثرة بذورها فوق الماء، فبعضها يبقى في نفس البيئة وبعضها تنتقل بفعل التيارات المائية إلى أن تجد البيئة المناسبة لتنمو فيها من جديد.

تميز هذه البذور أنها قادرة على البقاء في مياه البحر أو المحيط لمدة عام أو أكثر تتناقلها التيارات المائية حتى تصل إلى الشاطئ فإما أن يقدر لها أن نتغرس فيه لتنمو وتكبر لتصبح شجرة أو تموت.

بيئة التكافل الاجتماعي الذي تُوجِده المانجروف

تشكل أشجار المانجروف في تجمعها غابة،حيث تُكَّون ملاذاً آمناً لكثير من الكائنات الحية والأنواع المهددة بالانقراض ففيها: تتغذى العضويات المجهرية واللافقاريات من أوراق وأزهار المانجروف المتساقطة، وتبني الطيور أعشاشها حيث اكتشف أكثر من 500 نوع من طيور التي تعيش في إحدى غابات المانجروف( مثل أبو ملعقة ،عصفور الحسون Finch) و غيرها ،بالإضافة وجود أكثر من 120 نوع من الأسماك في هذه الغابات.

وتزدهر فيها الحياة النباتية حيث تنمو عليها بعض أنواع الأشنيات والسراخس.

وفوائد أشجار المانجروف كثيرة منها: تعمل على تنقية الجو والتخفيف من الاحتباس الحراري. كما تساهم في صد الأعاصير المدارية التي تدمر المزروعات وتخفف من حدتها،بالإضافة لفوائدها الطبية، وفي مجال السياحة تضفي منظراً خلاباً للسواحل، وفي مجال الصناعة تزودنا هذه الأشجار بالمواد اللازمة لصناعة الورق و النسيج و الجلد كما تلعب دوراً مهماً للصيد بالإضافة لكونها مكان ينتج فيه العسل وذلك في غابة المانجروف الموجودة في الدلتا بين الهند و بنغلادنش على نهر الغانج.

142

 

المصدر : إبداع

المزيد من الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى